شرح نص تاكسي – محور المدينة والريف ثامنة اساسي مع الاجابة عن الاسئلة للكاتب ابراهيم الدرغوثي يندرج هذا النص ضمن المحور الاول من كتاب النصوص نزهة القراءة لغة عربية – 8 أساسي – تعليم تونس
شرح نص تاكسي – محور المدينة والريف ثامنة اساسي للكاتب التونسي ابراهيم الدرغوثي
:نص تاكسي
النصّ
شَوارِعُ المدينةِ مازالتْ خالية. تحرّكْتُ أقطَعُ هذه الشّوارِعَ جيئة و ذهابًا و لمْ أتلقَّ نداءَ الرُّكّابِ… بَدَأتْ الحياةُ تدِبُّ في المَدِينةِ التّي تَخرُجُ مِنْ سُباتِها: نساءٌ ينْزِلْنَ مِنَ العماراتِ الكئيبَةِ. رجالٌ يُهَرْوِلُونَ باتّجاه محطّاتِ الحافلاتِ. أطفالُ المدارسِ في كُلِّ مكانٍ. و أسْمَعُ تاكسي… شارِعَ الحُرّيّةِ… تاكسي… نهجَ الباشا… تاكسي… بابَ سعدونٍ… تاكسي… منّوبةَ… و لا أتوقّفُ. الشّمسُ تعاكسُني. تَلْمَعُ على الإسفلتِ و تنعكِسُ أشعّتُها على واجهاتِ المغازاتِ، فأضعُ نظّارتي على عينيَّ و أتفرّجُ على العالِم مِنْ خلالِها.
و عندَ منتصفِ النّهارِ يشتدُّ الزّحامُ و يدخُلُ الحَلْبَةَ أطفالٌ صغارٌ يعملون بالنّيابةِ. يَجري الواحدُ منهم بجانبِ السيّارة و يضعُ يَدَهُ على مِقْبَضِ بابِ التّاكسي و يَجري مَعَها إلى أنْ تتوقّفَ، فيُشيرُ إلى مَن اكترى خِدماتِهِ: شيخٍ كبيرٍ أو امرأةٍ أنيقةٍ. و يقبض الطّفلُ الدّراهمَ، يتفحّصُها بنَظرةٍ واحدةٍ و يضعُها في جيبِهِ ثمّ ينْطلِقُ إلى تاكسي أخرى.
أقِفُ عند إشارةِ مرورٍ. تفتَحُ امرأةٌ البابَ و تهتِفُ: العمرانَ الأعلى، و تَغْزُو المَكانَ رائحةُ عِطْرٍ. أمُرُّ وَسْطَ غابةِ البلفدير، فأتذكّرُ وَعْدِي لابْنَيَّ بزيارةِ حديقةِ الحيواناتِ مُنذُ أكثَرَ مِنْ ثلاثةِ أشهرٍ. و تخْطُرُ ببالي البنتُ الصّغيرةُ و هي تُقلِّدُ حركاتِ القردِ، و الولدُ الذّي لا يكُفُّ عن الحديثِ عن الأسَدِ و يزْأرُ و يُزمْجِرُ مُقلّدًا أصْواتَ الغابَةِ، ثمّ يَضَعُ في حِضْنِي كُدْسَ أعْوادِ الكاكي التّي يَنْوي رَمْيَها في حَوْضِ السّمَكِ. و تتنهّدُ أمُّهُ قائلَة: كم اشتقتُ إلى جَلْسةٍ في المقهى المُقابل لبرْكةِ الإوزِّ. و تَفُوحُ مِنْ جديدٍ رائحةُ العِطْر فأعيدُ للسيّارةِ رُشْدَها و أضغَطُ على دوّاسةِ البنزين… تُشيرُ السّيّدةُ إلى بنايةٍ ذاتِ طابَقَيْنِ، و تدْفَعُ دون أنْ تنْظُرَ إلى العدّادِ و تنْزِلُ. فأعُودُ إلى الجرْيِ و الهَرْوَلَةِ المَحْمُومَةِ.
حينَ امتدّتْ الخُطُوطُ الحديديّةُ العريضةُ تَقْسِمُ شَوارِعَ العاصِمَةِ إلى شَطْرَيْنِ ظنَنْتُ أنّ رِزْقَ العِيالِ ضاعَ و أنّ المترو لَنْ يتْرُكَ لنا قَضْمَةَ خُبْزٍ. لَكِنْ جاءَ لزّبائنُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ: من تطاوينَ و توزرَ و غارِ الدّماءِ و قبلّي و مساكنَ و الهوّاريّةِ. كانوا يسألُونَ عنْ مُستشفى الأمراضِ الصدريّةِ و جامِعةِ تونسَ الأولى و وزارةِ العدلِ و الجامعةِ التونسيّةِ لكُرةِ القدمِ و مطارِ تونسَ قرطاجَ الدوليّ و مَلعَبَ المنزهِ. جاؤوا بحقائبِهم الجلديّةِ الثمينةِ و بِقِفافِ سَعْفِ النّخيلِ. فالتفتُوا إلى سيّاراتِ التّاكسي و أهملُوا البقيّةَ حتّى صِرْتُ لا أجدُ وقتًا للغَدَاء و لا أعود إلى البيْتِ إلاّ في وقتٍ متأخّرٍ فتُحدّثُني البنتُ عن أسدِ الغابةِ و يُقلّدُ الولدُ أصواتَ القِرَدَةِ…
الشّمسُ تَسْقُطُ في البحرِ. شمْسٌ حمراءُ و ذابلةٌ، تتدلّى مِنَ السّماءِ بخُيُوطٍ لامرئيّةٍ تَشُدّها شدّا فَتَتَمَلّصُ مِنَ القبْضَةِ الحديديّةِ و تَغُوصُ رُويْدا رُويدا في الماءِ الذّي صارَ بلوْنِ الذّهَبِ المُذابِ. و كُنتُ أشقُّ الجِسْرَ الممدُودَ فوقَ بُحيْرَةِ تُونِسَ حينَ سَمِعْتُ تاكسي… تاكسي… كانا اثْنَيْنِ، جَلَسَ الأوّلُ ورائي، كان وَدُودًا و ابتِسامَتُهُ أشْبَهَ بابْتِسامةِ الوليدِ. وَ جَلَسَ صاحبُهُ بجانبي. قالَ الجالِسُ ورائي: ” روّاد ” و صمَتَ. انْطَلَقَتِ السيّارةُ و رُحْتُ أدَنْدِنُ لَحْنًا راقِصًا، إلى أنْ بَلغْنَا الغابَةَ، فخفّفتُ مِنَ السُّرْعةِ في المُنْعَرَجاتِ المَكْسُوّةِ بالأشجارِ مِنَ الجانبيْنِ. لم أنْتَبِهْ للحركةِ التّي بَدَرَتْ من الجالسِ ورائي، لكنّني أحْسَسْتُ بِوخْزةٍ في جنْبي. و شيءٌ حادٌّ يُؤلِمُني. حين التفتُّ إليهِ طَلَبَ منّي أن أرْكُنَ السيّارةَ خارجَ الطّريقِ و أن أمكّنَهُ من الدّراهم… حاولْتُ الإفلاتَ مِن الوخْزَةِ و لكنْ دُون جدوى… في العَتَمَةِ رأيتُ السيّاراتِ تمرُّ في الاتّجاهيْنِ، مُسْرِعةً، هادِرةً، و لمْ يلتفِتْ أحدٌ لِمَا يَجْرِي على جانبِ الطّريقِ.
إبراهيم الدّرغوثي – مجلّة الحياة الثقافيّة عدد 106- ص.ص: 108-110
: الشرح التحليل الاجابة عن الاسئلة
: تقديم النص
التقديم :
نص سردي وصفي يندرج ضمن المحور الاول المدينة و الريف للاديب التونسي ابراهيم الدرغوتي. مقتطف من مجلة الحياة الثقافية يندرج نص تاكسي ضمن المحور الاول المدينة والريف 8 اساسي تعليم اعدادي تونس.
: موضوع النص
الموضوع:
يصف الواصف يوميّاته في سياقة التّاكسي مُعرّجا على حركة المدينة و صعوبات العيش فيها
: تقسيم النص
المقاطع:
حسب معيار الزّمن
- من البداية —- خلالها: في الصّباح
- من وعند —- أصوات القردة: عند منتصف النّهار و بعده
- البقيّة: في المساء
المقطع الأوّل: في الصّباح
مازالت: ناسخ فعليّ يُفيد الاستمراريّة
نساء ينزلن…/ رجال يهرولون…/ أطفال المدارس…: تواتر الجمل الاسميّة
تحرّكتُ / أقطعُ / أسمعُ…: تواتر الأفعال ( جمل فعليّة )
المراوحة بين الجمل الفعليّة و الاسميّة، أي المراوحة بين السّرد و الوصف
تحرّكــتُ: ضمير المتكلّ المفرد ( أنا )
الرّاوي في هذا النصّ هو راو- شخصيّة
يضطلع الرّاوي بوظيفتين:
- السّرد
- المشاركة في الأحداث
السّرد ذاتيّ في هذا النصّ
الشوارع / المدينة: إطار مكاني
تدبّ في المدينة التّي تخرج من سباتها: مركّب إسنادي فعلي: خبر فعل شروع
التّي تخرج من سباتها: مركّب موصولي اسمي: نعت
وظائف السّرد هنا هي: - تأطير الأحداث
- تقديم الشخصيّات
جيئة و ذهابا: مركّب عطفي: حال
مازالت خالية // بدأت الحياة تدبّ
لم أتلقّ نداء // أسمع تاكسي…
مقابلة
هناك انتقال من السّكون إلى الحركة
تخرج من سباتها: تشخيص ( استعارة )
يُعامل الرّاوي ” المدينة ” مُعاملته لإنسان ( أو كائن حيّ )
تتميّز المدن بحركتها الصاخبة و بنسق حياتها السّريع
” المدينة ” تتحوّل إلى شخصيّة رئيسيّة في هذا النصّ، فهي القُطب الذّي تتمحور حوله جميع مكوّنات القصّ.
حالة الواصف: ثابت/ لا يتحرّك
موقع الواصف: داخل سيّارة تاكسي
السيّارة مُتحرّكة تنقل الواصف من مكان إلى مكان آخر
قنوات الوصف: البصر ( أتفرّجُ ) + السّمع ( أسمعُ )
على عينيّ / مِن خلالها: مركّب بالجرّ
ستلعبُ النظّارة دورا محوريّا في هذا النصّ، فهي ستحدّد طبيعة رؤية الرّاوي إلى المدينة
المقطع الثّاني:
عند مُنتصف النّهار و بعدهعند منتصف النّهار: مركّي إضافي: مفعول فيه للزّمان متقدّمتقدّم المفعول فيه على النواة الإسناديّة الأساسيّة وظيفيّ في هذا النصّ
يلعب الزمان ( و المكان أيضا ) دورا محوريّا في هذا النصّ
رحلة في الزّمان و المكان
الشخصيّات سكّان المدينة الرّاوي
الأعمال – اشتداد الزّحام: الحركيّة + النشاط
- دخول أطفال صغار الميدانَ
- جاء الزّبائنُ من كلّ مكان – حركة خارجيّة ( حركة سريعة ): انتقال في المكان
- حركة داخليّة: انتقال في الزّمان، هي حركة الذاكرة
الضّامن لهذا الانتقال بين الحركتين هو رائحة البخور: هذه الرائحة بمثابة المُثير الذي سينقل الرّاوي إلى عالم آخر
الاستجابة: فعل التذكّر
الوسائل اللغويّة يشتدّ: ( ش.د.د ): جذر مضاعف
يجري: حركة سريعة
أطفال صغار/ شيخ كبير / امرأة أنيقة/ تاكسي أخرى: مركّبات نعتيّة
بنظرة واحدة: مركّب بالجرّ: حال
ثمّ: الاسترخاء و التمهّل
حين امتدّت… شطرين: مركّب إضافي: مفعول فيه للزّمان
لكن: استدراك
و: التعداد
لا أجد… إلاّ…:
تركيب بالحصر يفيد التأكيد أقفُ / أمرّ / أعود إلى الجري و الهرولة المحمومة: حركة خارجيّة
غابة البلفدير: مركّب إضافي: مضاف إليه
تغزو: معجم حربي
رائحة العطر: مركّب إضافي: فاعل
أتذكّر / تخطُرُ ببالي: حركة داخليّة
منذ أكثر من ثلاثة أشهر: مركّب إضافي: مفعول فيه للزّمان
و هي تقلّد حركات القرد: مركّب بواو الحال: حال
الذّي لا يكُفّ عن الحديث عن الأسد: مركّب موصولي اسمي: نعت
كم: الخبريّة ( التكثير )
الدّلالة الحياة في المدينة شاقّة و صعبة
ازدحام و اكتظاظ و نسق سريع – الرّاوي أخذته مشاغل الحياة بعيدا إلى درجة إهماله لعائلته و حرمانها من الترفيه و التسلية - إهماله لنفسه: صحّته ( صرتُ لا أجد وقتا للغداء )
- تشيّؤ الإنسان في المدينة: هيمنة الجانب المادّي على الجانب الرّوحي
- الزّحام و الاكتظاظ و الهرولة هي من صعوبات العيش في المدينة
المقطع الثّالث:
في المساءالشّمسُ تسقط في البحر: الغروب
تحوّل زمني
حمراء و ذابلة: مركّب بالعطف
لا مرئيّة: نعت
شدّا: مفعول مطلق يفيد التأكيد
القبضة الحديديّة: مركّب نعتي
رُويدا رُويدا: مركّب توكيدي: حال
المُذاب: نعت
يضطلع الوصف هنا بوظيفة رمزيّة، فهو قد هيأ لما آلت إليه رحلة السّائقكلّ الصّفات كانت تدور حول معنى الموت و الفناء
حمراء: الدم
تسقط في البحر / ذابلة / المُذاب: الموت
خبوط لا مرئيّة / تشدّها شدّا: القدر
تتملّص من القبضة الحديديّة: محاولة الخلاصأشبه بابتسامة الوليد: مركّب إضافيالنظّارة التّي وقع ذكرها في المقطع الأوّل ( ” أتفرّج إلى العالم من خلالها ” ) ستضطلع بوظيفة رمزيّة في هذا النصّ: الحياة في المدينة مخادعة ( لعبة الأقنعة )لحنا راقصا: مركّب نعتي
هي الرّقصة التّي ستسبق رقصة ” الدّيك المذبوحة “لم أنتبه: نفي
لكنّ: ناسخ حرفي يفيد الاستدراك
تعرّض السّائق إلى عمليّة سطو باستعمال القوّة
الانحراف و الجريمة يكثران في المدن لأسباب عدّة